قربت وسائل الاتصال الحديثة بين الأشخاص
المتباعدين جغرافيا، وجعلت العالم يبدو بحق كقرية صغيرة من حيث سهولة التواصل
وتبادل المعلومات والخبرات، وإن كانت هذه القرية الصغيرة اتصالاً، لاتزال عالمًا
متنائيًا متنافرًا أفكارًا وقيمًا. وباتت مواقع التواصل الاجتماعي
الالكترونية في الفترة الاخيرة تسيطر على اوقات وافكار الشباب, فأصبحوا يقضون اغلب
اوقاتهم وراء شاشات الكمبيوتر الامر الذي ساهم في غياب العادات والتقاليد المتمثلة
بالعلاقات الاجتماعية وصلة الارحام لدى بعض الشباب خصوصا وان هذه المواقعاصبحت شغلهم الشاغل
لكن البعض الاخر من الشباب يقوم باستخدام هذه المواقع لاغراض
مفيدة مثل التعرف على عادات وحضارات الشعوب الاخرى وبناء صداقات مفيدة, ونلاحظ
ايضا ان هذه المواقع كانت المحرك الرئيسي للثورات والمظاهرات والاحداث التي تشهدها
المنطقة. مما يعني ان تأثيرها كالسحر على الشباب، لكن هل أغنت هذه المواقع
الالكترونية عن الترابط الاجتماعي من خلال العلاقات الاجتماعية، وغياب الشباب عن
المناسبات العامة مع الاهل والاقارب؟ وهل تؤثر على قطع صلة الارحام؟.
ولكن
المفارقة المدهشة في ثورة الاتصالات أنها قربت المتباعدين وأبعدت المتقاربين،
فالمرء يتواصل بانسيابية واستمتاع مع أشخاص من أقاصي الأرض، ويخصص لذلك أوقاتًا
غالية، ولكنه يستثقل أن يمر على أمه للاطمئنان عليها، أو أن يمنح أبناءه ساعة من
نهار يتعارفون خلالها، أو أن يفارق مقعده ليتنزه مع أصدقائه الحقيقيين.وتجدر
الاشاره الى أن الاستخدام الفردي للحواسيب والانترنت يعزز الرغبة والميل للوحدة
والعزلة للمراهقين والشباب مما يقلل من فرص التفاعل والنمو الاجتماعي والانفعالي
الصحي الذي لا يقل أهمية عن النمو المعرفي وحب الاستطلاع والاستكشاف، و بعض
الدراسات الأولية تشير إلى أن استخدام الانترنت يعرض الأطفال والمراهقين إلى مواد
ومعلومات خيالية وغير واقعية مما يعيق تفكيرهم وتكيفهم وينمي بعض الأفكار غير
العقلانية وخصوصا ما يتصل منها بنمط العلاقات الشخصية وأنماط الحياة والعادات
والتقاليد السائدة في المجتمعات الأخرى.
وبين أن
دخول الانترنت مجالات الحياة الواسعة أصبح عاملاً مساعدًا في تقوية الفجوة بين
الاجيال فيما يتعلق بثقافة الحوسبة والاتصال مع العالم الخارجي، بل إن الكثير من
الناس الذين لا يتمتعون بميزة استخدام الانترنت أصبحوا عرضة للاتهام بالتخلف
والغباء مما يساعد على تطوير نموذج من الصراع الاجتماعي والثقافي بين الأجيال أو
شرائح المجتمع أو بين الصغار والكبار أو الأبناء والآباء.